
سمعت من شخص مختص بالأمور المالية أن جميع العملات الورقية التي لا يكون سعرها ثابتا بالنسبة للذهب، يدخل فيها الربا شئنا أم أبينا، وأن هذا الأمر من عموم البلوى التي لا نستطيع في ظل هذا النظام العالمي الربوي الفرار منه أو التحرز منه. فهل يصح هذا الكلام وإن صح ما هو الحل؟
ما حكم المتاجرة بالعملات المشفرة؟
رقم السؤال: 1948
تاريخ النشر: 9/1/2024
المشاهدات: 122
السؤال
سمعت من شخص مختص بالأمور المالية أن جميع العملات الورقية التي لا يكون سعرها ثابتا بالنسبة للذهب، يدخل فيها الربا شئنا أم أبينا، وأن هذا الأمر من عموم البلوى التي لا نستطيع في ظل هذا النظام العالمي الربوي الفرار منه أو التحرز منه. فهل يصح هذا الكلام وإن صح ما هو الحل؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
- هذه نظرة يتبناها البعض.
أما عن صحة ذلك فإليك ما نعتقده:
- مفهوم المال في الإسلام أوسع من الثمنيات، فكل ما له قيمة مباحة هو مال، وقد عددت الآية بعض أنواع المال: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (آل عمران: ١٤)،
- وعرفه الغزالي في إحيائه تعريفا شاملا بقوله: أعيان الأرض وما عليها مما ينتفع به، وأعلاها الأغذية ثم الأمكنة التي يأوي الإنسان إليها وهي الدور، ثم الأمكنة التي يسعى فيها للتعيّش كالحوانيت والأسواق والمزارع ثم الكسوة ثم أثاث البيت وآلاته ثم آلات الآلات وقد يكون في الآلات ما هو حيوان كالكلب آلة الصيد والبقر آلة الحراثة والفرس آلة الركوب في الحرب.
- وحديث الأصناف الستة حديث مؤسس للسياسة النقدية الإسلامية ففيه عدّد صلوات ربي وسلامه عليه الأموال الربوية، ومنها الذهب والفضة، وهي من الثمنيات، وقد ذهب أهل المذهب الظاهر للوقوف عند هذين النوعين تحديدًا، وصاحب الرأي الذي تنقل عنه هو من أصحاب هذه المدرسة.
- أما أهل السنة والجماعة فتوسعوا لأنهم استوعبوا المفهوم فقاسوا كل ما اُعتبر نقدًا على هذين النوعين أي الذهب والفضة وهذا الأوسع لأنه يلبي احتياجات الناس عبر الزمان والمكان.
- وعندما دخل الناس الإسلام كانوا يتعاملون بغير الذهب والفضة وبعملات رومانية وفارسية، وبقوا حينا من الدهر على هذا الحال، بل كان نظام الصرف بينها قائم ومتبادل حسب ظروف العرض والطلب فَمَكَّة كانت ملتقى تجارات العالم، وبقوا على هذا الحال حتى صكّوا عملتهم الخاصة (الدينار والدرهم). ولا حرج في ذلك.
- وعمر الفاروق ضُرب أول نقد إسلامي في عهده (سنة ٨ هـ - ٦٣٠ م) طبع عليها "لا إله إلا الله وحده، محمد رسول الله، الحمد لله"، وكان له السبق في التفكير بطباعة النقد من جلود الإبل، وكان عبد الله بن الزبير أول من ضرب دنانير مدورة؛ ثم كان ذلك في عهد عبد الملك بن مروان (سنة ٧٦ هـ = ٦٩٦ م). فأنّى لمن رغب بطباعة النقد من جلود البقر وهو فاروق الأمة أن يغفل عن الربا لأن جلود البقر أو الإبل ليست ذهبًا ولا تستند إليه.
- ثم ماذا بشأن المقايضة، أو المبادلة؟ ألا تتم مبادلة سلع بسلع وأشياء بأشياء دون حرج من الربا، واستثني من ذلك (المطعومات وما يُصلح) مما جاء في حديث الأصناف الستة، حيث يشترط تحقيق شروط منعا للربا في تبادلها.
- لذلك فكل ما دخل عليه حرف الباء هو ثمن، وعليه يمكن اعتبار أي شيء نقد بين الناس، وسرعان ما يُطبق عليه شرطا الصرف وانتهى الأمر. ومثال ذلك قول الله تعالى: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (الكهف: ٢٠) أي أن الشراء تم بثمن هو الدراهم والباء دلت أن الثمن هو الدراهم، وقوله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ… (آل عمران: ٧٥)، فقال بقنطار والباء دلت عن أن القنطار هو الثمن، وبدينار دلالة على أن الدينار هو الثمن.
- ويصل بنا الحال إلى العملات المشفرة التي أجمع عليها المجتمع الرقمي واعترفوا بها وصارت حالا واقعا، ويقع عليها شرطا الصرف أسوة بغيرها.
أخيرًا تفضلوا بتتبع التاريخ النقدي في الفقه الإسلامي، ثم قيسوا على ذلك:
- كان النقد من الذهب والفضة، ثم صار غالبها من الذهب والفضة حيث دخل فيها النحاس وغيره، ثم صار غالبها من غير الذهب والفضة، ثم صارت فلوسا، ثم صارت أوراقا نقدية، ثم مصرفية، ثم افتراضية، ثم مشفرة، والقائمة كما قلنا ستطول.
- وكان حكم الفقهاء يساير هذا التغير دون إسقاط شرطي الصرف.
- إذًا لن تقف الأمور عند هذا الصنف أو ذاك، فكلما عشنا فسنرى أكثر، وفقهنا صالح لكل زمان ومكان، فلا تحجروا واسعًا يا رعاكم الله.
مجلة الاقتصاد الإسلامي
أسئلة مقترحة
قام والدي بوهب عقار مؤلف من طابقين، طابق سكني والآخر ثلاث محلات، وهبه لي و ٣ من إخوتي، وأبقى له حق الانتفاع من ريع العقار حتى بلوغنا. وتأهلنا، وعندها قمت بشراء حصص إخوتي الباقين. لكن الوالد رحمه الله قام بوضع أختين بمحل ليديروه ووضع أخ بمحل آخر. مع العلم أن الإخوة الشاغلين للمحلات لا يملكون أسهما أو أي حصة وعندما كنت أناقش والدي عن وضعهم كان يقول دعهم يستفيدوا مادمت حيا. وعندما اشتريت كامل الحصص بعد وفاة والدي، جاء أخ من شاغلي أحد المحلات وعرض عليّ شراء المحل. قلت له سأعطيك ما يرضيك فأنت لا تملك شيئا، وهذا ما كان. وعندما سمعت الأختين الشاغلتين للمحل الآخر طلبوا المبلغ نفسه وفعلا أعطيتهم، إلا أن أختي بعد أن أخذت النقود تشاجرت مع زوجها وأعادت المبلغ، وهي تطالب بالمحل أو دفع مبلغ كبير جدا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: الهبة للذكور دون الإناث أو لبعض الذكور دون غيرهم، غير صحيح ، وفيه ظلم وجور وقد رفض صلى الله ع...
أجرتين غير حالّتين مؤجلتين لأجلين مختلفين - كما في المعيار - فلو انتفى مقصد الإجارة وكُيّفت عِينة كأن الأجرة الأولى التي تُعدُّ دينًا للأجل الأول في مقابل الأجرة الثانية التي تعد دينًا للأجل الثاني، مع اتحاد القيمة للأجرتين لم يبق في المفاضلة إلا اعتبار الزمن. فيكون الربا هنا لعدم التقابض في زمن واحد. هل هذا التحليل لها صحيح؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد: تحليل صحيح. مُنتج الإجارة هو الوسيلة ، ومقصد الفاعل هو العِينة . لذلك كان سد الذريعة أو...
110
اتفقت مع صديق لي على إعطائه مبلغاً من المال لتشغيله مقابل أن يعطيني نسبة ٢٠٪ من أرباحه من هذا العمل كل شهر، والعمل هو تحويل رصيد للمكالمات، فهل هذا جائز؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: نعم هو جائز ، والمفيد أنك تبيّنت طبيعة العمل ولم تشاركه بشكل غامض، وأوضحت نسبتك من الربح ، وب...
217
لو صعد الذهب لأعلى مستوى، ثم ثبت لفترة، ثم قام الناس بالبيع دفعة واحدة، هل هناك أوراق نقدية تعوض القيمة ضمن دورة (ذهب - نقد)؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: الذهب عادة يغطي الإصدارات النقدية ويمنحها القيمة بتخزينه مقابلها ، وقد تغيّر هذا الشيء من خلال فساد...

الاشتراك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
جميع الحقوق متاحة لكل مسلم بقصد نشر الخير والدعوة © 2024
تم التطوير بواسطة