الحمدُ لله ربّ العالمين وأفضلُ الصّلاة وأتمّ التسليم على سيّدنا محمّد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه أجمعين، أهلاً وسهلاً بكم في موقع اسأل في الإسلام وبعد:

• مَنِ اعتقَدَ في مَخلُوقٍ أنَّهُ قائِمٌ بنفسِهِ ، ومُمِدٌّ بذاتِهِ ، ولَهُ حَولٌ وقوةٌ ذاتِيَّان ، يُمِدُّ بهِمَا مِن دُونِ اللهِ ، أو مَعَ اللهِ ، فهُوَ مُشرِك 

• ومَنِ اعتقَدَ أنَّ الخلقَ كلهم في جميعِ العَوالِمِ والبرازِخِ ، لا قِيامَ لأحدٍ مِنهُم بنفسِهِ ، ولا تأثيرَ لَهُ ، ولا إمدادَ بذاتِهِ ، ومِن ذاتِهِ ، وطلَبَ مِنهُ المَدَدَ 

فإنه يُسأَلُ عن معنى المَدَدِ الذي طلَبَهُ: 

فإن قالَ أردتُ بقولي هذا:

- أمِدَّني يا اللهُ على يَدِ عَبدِكَ فُلان

- أو أمِدَّني يا اللهُ بِما تُمِدُّ بِهِ عَبدِكَ فُلان

- أو أمِدَّني أيُّها العَبدُ الصَّالِحُ مِن مَدَدِ اللهِ لَك

- أو أمِدَّني بإذنِ الله

- أوِ اطلُب لِيَ المَدَدَ مِنَ اللهِ 

فليسَ مِنَ الشِّرك ، بل هُوَ بمَعنى الشَّفاعةِ والوَسيلة 

• واختلفَ العُلماء فِي طلبِهِ المَدَدَ مِنَ المَخلُوق معَ صِحَّةِ عقِيدَتِهِ وقَصدِه 

• فمِنهُم مَنِ اعتبَرَهُ مُخطِئا في قَولهِ ، ويُصَحَّحُ لَهُ خَطَؤُهُ ، ويُنبَّهُ إليهِ سَدَّا للذَّرِيعة 

• ومِنهُم مَنِ اعتبَرَهُ غير مُخطِىء ، ولا يُعتَرَضُ عليهِ 

• والمَدَدُ مَوهِبةٌ مِنَ اللهِ تعالى مِن عَالمِ الغَيبِ والشَّهادة ، يَهَبُهَا لِعَبدِهِ على يَدِ مَلَكٍ ، أو نَبِيٍّ ، أو وَلِيٍّ ، أو عَبدٍ مِن عِبَادِ اللهِ ، مِن عالمِ الغَيبِ أوِ الشَّهَادة 

• واللهُ هُوَ المُمِدُّ والوهَّابُ عِندَ الأسباب 

• وهُوَ المُمِدُّ والوهَّابُ بِلا أسباب

• وقَد قالَ عُلَماءُ التَّوحيد : " السَّبَبُ وَاجِب ، ونَفيُ التَّأثيرِ عَنهُ وَاجِب 

• ومَن نَفَى الأسبابَ فقَد عطَّل الحِكمة ، ومَن أثبَتَ لها التَّأثيرَ فقَد أشركَ باللهِ " - والعِياذُ بالله -

• و المَقصُودُ بالمَدَدِ: أي : مَدَدُ المَواهِبِ والعُلُومِ والفُهُومِ ، بالإلهامِ والإلقاءِ الرُّوحِي

• ويَستَوِي فيهِ المَلائِكةُ عليهِمُ السَّلام ، وأرواحُ المُقرَّبينَ مِن عبادِ اللهِ أحياءً ومُنتَقِلين

• ولا تأثيرَ للحَيِّ حتى يُنفَى عَنهُ بانتِقَالِهِ إلى الحياةِ البَرزخِيَّة

• وقَد نفَعَ اللهُ الأمَّةَ المُحَمَّدِيَّةَ على يَدِ عَبدِهِ ونبِيِّهِ سَيِّدنا مُوسَى ﷺ وهُوَ حَيٌ فِي البَرزَخِ بتخفِيفِ الصَّلَوَاتِ مِن خَمسينَ إلى خَمس 

• وقُدرَةُ اللهِ تعالى مُتعَلِّقَةٌ بجَمِيعِ المُمكِنات 

• فَلا يَصِحُّ إخراجُ بَعضِ المُمكِناتِ عَن تَعلُّقِهَا ، لأنَّهُ يَلزَمُ مِنهُ التَّفرِيقُ بينَ المُتَمَاثِلاتِ في الإمكانِ وقَصرُ قُدرَةِ اللهِ على بَعضٍ دُونَ بَعض، وهُوَ تَحجِيرٌ على اللهِ تعالى - تنزَّهَ اللهُ عَن ذلِكَ -

• فما فِي هذا الخَتمِ مِن قَولِ الشيخ: فأدركني وقول: أغيثونا - وقول: أغثني - وقول: المدد  أي : بإذنِ الله

• ولا مَانِع مِن قَولِ ذلِكَ باللِّسَانِ دَفعاً للإيهامِ ، وخَشيَةَ تَوَهُّمِ اعتِقَادِ أنَّ السَّبَبَ يُغِيثُ أو يُمِدُّ بذاتِهِ مِن ذاتِهِ

• وقَد علَّمَنا اللهُ تعالى في قُرآنِهِ عِندَ نِسبَةِ شيءٍ ما إلى السَّبَبِ أن نَقُولَ : بإذنِ الله

• قالَ اللهُ تعالى حِكايةً عَن نبيِّهِ ورًسُولِهِ عيسى بنِ مَريَمَ على نبيِّنا وعليهِ الصَّلاةُ والسَّلام : { .. وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإذْنِ اللهِ .. }

الشيخ عبد الهادي الخرسة